يعرض الصحفي أندرو روث كيف عاد دونالد ترامب ليبرئ ولي العهد السعودي من قتل الصحفي جمال خاشقجي، رغم كل ما كشفته التحقيقات الأمريكية والأممية عن الجريمة.

 

ويعيد التقرير المنشور في الجارديان تسليط الضوء على الجريمة بعد تصريحات ترامب الأخيرة في البيت الأبيض.

 

تبرئة ترامب.. وتناقض الأدلة

 

أعلن دونالد ترامب يوم الثلاثاء أنّ محمد بن سلمان "لم يعرف شيئًا" عن مقتل جمال خاشقجي، كاتب الواشنطن بوست الذي قُتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018. ارتفعت حدّة الجدل لأن المخابرات الأمريكية وتحقيقًا تابعًا للأمم المتحدة عام 2019 أعطيا صورة مختلفة تمامًا عمّا يقوله ترامب.

 

وقعت الجريمة داخل القنصلية بعدما دخل خاشقجي لإنهاء أوراق تتعلق بالطلاق. حضر فريق من 15 رجلًا بقيادة شخصية على صلة وثيقة بولي العهد. قالت التحقيقات إن الفريق خدّر خاشقجي، وقتله، ومزق جثته لإخفاء الأدلة. قال ترامب للصحافة: "سواء كنت تحبه أو لا، تحدث أمور… لكنه لم يعرف شيئًا". وطلب من الصحفيين عدم إحراج ضيفه.

 

أصدر مكتب مدير المخابرات الوطنية في 2021 تقريرًا واضحًا يُحمّل محمد بن سلمان مسؤولية الموافقة على العملية. نفى ولي العهد إعطاء أمر مباشر، لكنه اعترف بالمسؤولية باعتباره الحاكم الفعلي.

 

كان دافع القتل واضحًا: انتقد خاشقجي الأمير الذي صعد بقوة داخل المملكة، واستعد لخلافة والده. دخل خاشقجي القنصلية غير مدرك أن فريقًا يضم أفرادًا من الحرس الخاص للأمير ومستشاره سعود القحطاني كان بانتظام.

 

ما تكشفه التسجيلات.. ومنفذو العملية

 

أصبحت تفاصيل الجريمة معروفة لأن المخابرات التركية سجلت ما حدث داخل القنصلية. استمع المحققون لتجهيزات الفرقة خلال انتظار وصول خاشقجي، ثم تنفيذ القتل.

 

أبلغه المسؤولون داخل القنصلية بوجود مذكرة توقيف من الإنتربول وأنه سيُنقل للسعودية. اعترض خاشقجي وبدأت مقاومة انتهت بإخضاعه. رجّح التقرير الأممي الذي أعدته أنييس كالامار أنّ الفريق حقنه بمادة مخدرة ثم خنقه بكيس بلاستيكي.

 

قبل وصول خاشقجي، بدأ الطبيب الشرعي السعودي شرح طريقة التقطيع قائلًا إنها "سهلة"، وأن فصل المفاصل لا يمثل مشكلة، وأن وضع الجثة في أكياس بلاستيكية سيجعل العملية "منتهية".

 

بعد القتل، التقطت كاميرات المراقبة رجالًا يحملون أكياس نفايات سوداء وعربة سفر، ورجّح المحققون أنها كانت تحمل بقايا جثة خاشقجي.

 

تحوّلت الجريمة إلى أزمة دبلوماسية كبرى في عهد ترامب، لكن الرئيس الأمريكي يسعى الآن لاستعادة العلاقات وتعزيز الشراكة مع السعودية. قال الأمير محمد إنه شعر بـ"ألم شديد" بعدما عرف بمقتل خاشقجي، وإن حكومته "أصلحت النظام" لتجنب تكرار الواقعة، واصفًا ما حدث بأنه "خطأ جسيم".

 

غضب عائلة خاشقجي.. وغياب الرفات

 

أثارت تصريحات ترامب ردًا غاضبًا من أرملة خاشقجي، حنان العطار، التي قالت لوكالة رويترز إن "لا شيء يبرر هذه الجريمة الرهيبة". طالبت العطار بلقاء ترامب لتعرّفه إلى "جمال الحقيقي". وذكرت لوسائل إعلام أمريكية أنّها لم تحصل على رفات زوجها حتى الآن.

 

ما زالت الجريمة تلقي بظلال ثقيلة على العلاقات الأمريكية السعودية، وتعيد السؤال القديم الجديد: كيف يتعايش العالم مع سجل جريمة كشفت التسجيلات تفاصيلها لحظة بلحظة؟

 

تظل قضية خاشقجي مثالًا حيًا على تصادم القوة مع الحقيقة، وتجسّد صراعًا مستمرًا بين الذاكرة السياسية والرواية الرسمية، وتعيد كل فترة فتح جرح لم يلتئم بعد.


https://www.theguardian.com/world/2025/nov/19/what-happened-jamal-khashoggi-murder-trump-saudi-crown-prince-mohammed-bin-salman